توصل باحثون من مدرسة الاقتصاد العليا الروسية إلى اكتشاف مهم يسلط الضوء على الفروق في بنية المسارات العصبية في الدماغ لدى الأطفال المصابين بالتوحد مقارنة بأقرانهم غير المصابين. وأظهرت الدراسة أن التغيرات الأكثر وضوحًا تتركز في المسارات التي تربط المهاد (الثلاموس) - وهو مركز معالجة المعلومات الحسية في الدماغ - بالفص الصدغي، المسؤول عن الإدراك اللغوي والمعالجة السمعية. ووجد الباحثون أنه كلما زادت هذه التغيرات، كانت أعراض التوحد أكثر حدة.

أهمية الاكتشاف في التشخيص المبكر

التوحد، أو اضطرابات طيف التوحد (ASD)، هو حالة عصبية تؤثر على قدرة الشخص على التواصل، والتفاعل الاجتماعي، والتكيف مع التغيرات، ويتميز بسلوكيات نمطية متكررة. وعلى الرغم من التقدم العلمي، لا يزال تشخيص التوحد يعتمد على الاختبارات السلوكية فقط، مما يجعل التشخيص المبكر والتدخل العلاجي أمرًا معقدًا. ولذلك، يسعى العلماء إلى اكتشاف مؤشرات حيوية تساعد في تشخيص المرض بدقة، مثل التغيرات في بنية الدماغ، أو العوامل الجينية، أو الكيميائية الحيوية.

تفاصيل الدراسة والنتائج

أجرى الباحثون الدراسة بالتعاون مع جامعات أمريكية، حيث تمت مقارنة بنية الدماغ لـ 38 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 7 و14 عامًا، نصفهم يعانون من التوحد.شملت التجربة جمع بيانات عن الذكاء غير اللفظي، ومستوى التطور اللغوي، والقدرة على التواصل، والانتباه، والتفاعل الاجتماعي.

وتم التركيز على المادة البيضاء في الدماغ، التي تلعب دورًا محوريًا في نقل الإشارات العصبية بين مناطق الدماغ المختلفة. ومن خلال تحليل 40 مسارًا عصبيًا يربط المهاد بالقشرة الدماغية، اكتشف الباحثون اختلافات مجهرية ملحوظة في بنية هذه المسارات لدى الأطفال المصابين بالتوحد، حيث أظهرت النتائج: تغيرات في حركة الماء داخل أنسجة الدماغ، مما يؤثر على كفاءة الاتصال العصبي. وانخفاض التباين الكسري (Fractional Anisotropy - FA)، وهو مؤشر على سلامة المادة البيضاء، خاصة في المسارات التي تربط المهاد بالفص الصدغي.

يُعد هذا البحث خطوة مهمة نحو تطوير تقنيات تشخيصية أكثر دقة تعتمد على تصوير الدماغ بدلًا من الاختبارات السلوكية فقط. كما يمكن أن يساعد في تطوير علاجات مستهدفة لتحسين وظائف الدماغ لدى الأطفال المصابين بالتوحد، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم المرض والتعامل معه.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك