نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إثنا عشر عاما على اغتيال شكري بلعيد وخمس قضايا لفك "اللغز", اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025 12:50 مساءً
نشر في باب نات يوم 05 - 02 - 2025
وات - ( تحرير ليلى بن ابراهيم)- يمر غدا الخميس إثنا عشر عاما على جريمة اغتيال شكري بلعيد، المعارض السياسي وأمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد، الذي أطلق عليه شخصان يمتطيان دراجة نارية الرّصاص يوم 6 فيفري 2013 في سيارته أمام منزله بإحدى مناطق ولاية أريانة.
ورغم مرور ما يزيد عن العقد على جريمة الاغتيال مازال "اللغز" لم يُفكّ بعد بالكامل، إذ أن القضايا الخمسة المتعلقة بها لا تزال منشورة في أطوارها المختلفة أمام محاكم البلاد.
وتتوزع ثلاث قضايا، من بين القضايا الخمسة، بين الابتدائي والاستئناف وسيجري النظر فيها شهر فيفري الحالي، على غرار الاستئناف المقدّم ضدّ الحكم الابتدائي الصادر يوم 27 مارس 2024 عن الدائرة الجنائية الخامسة المختصة في قضايا الارهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس والذي قضى بالإعدام في حق 4 متهمين والسجن بقية العمر في حق متهمين اثنين آخرين وبعقوبات سجنية في حق عدد آخر من المتهمين تراوحت بين عامين و120 عاما سجنا، إضافة إلى إخضاع جميع المتهمين لمراقبة إدارية تراوحت بين 3 و5 سنوات.
وفي هذا الشأن، أكّدت المحامية إيمان قزارة، عضو هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، في تصريح لوكالة تونس غفريقيا للأنباء (وات)، أن الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الارهاب بابتدائيّة تونس ستنظر يوم 11 فيفري الجاري في قضية لها علاقة بملف الاغتيال وتعرف بملف "خلية الرصد والتخطيط"، وتشمل رجل الأعمال فتحي دمّق وأمنيين سابقين.
وتتعلق القضية الثانية المبرمجة ليوم 13 فيفري الحالي، وفق قزارة، باستئناف الحكم الابتدائي الصادر في مارس من سنة 2024، وذلك بعد أن قامت كل من النيابة العمومية ومحامو هيئة الدفاع عن الشهيد بلعيد وكذلك محامو المتهمين باستئناف هذه الأحكام الصادرة سابقا، والمتعلقة بمجموعة تنفيذ عمليّة الاغتيال وليس بجميع الأطراف الضالعة في العمليّة، ممن خطط وأعدّ أو ممن تستّر على الجريمة لاحقا، وفق ذات المصدر.
وسيتمّ خلال هذا الجلسة الاستماع إلى مرافعات المحامين بعد أن تمّ يوم 20 جانفي الماضي الانطلاق في استنطاقات المتهمين في الطور الاستئنافي من القضيّة المنشورة لدى الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الارهاب بمحكمة الاستئناف بتونس.
أمّا القضيّة الثالثة لهذا الشهر، فستكون يوم 18 فيفري أمام الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الارهاب بابتدائيّة تونس، ومن أبرز المتهمين فيها الإمام السابق لجامع الرحمة شكري بن عثمان و"أبو عياض"، وفق قزارة.
وتعتبر هيئة الدفاع عن الشهيد بلعيد إمام جامع الرحمة "متهما رئيسيا" وتؤكّد أنّه انتمي إلى التنظيم الارهابي "أنصار الشريعة" وذكرت أنه من بين المجموعة التي كانت ترتاد الجامع المذكور وأعدّت وخطّطت لاغتيال بلعيد.
وتتعلّق القضيّتين المتبقيتين بقضيّة جمعية "نماء" المنشورة لدى التحقيق وقضيّة "الجهاز الخاص" المنشورة لدى التعقيب، وهما قضيتان أُثيرتا بشكوى رفعتها هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ويتّهم فيها عدد من قياديي حركة النهضة.
هيئة الدفاع تعلق حضور الجلسات
تزامنت ذكرى الاغتيال هذا العام مع إعلان هيئة الدفاع عن بلعيد ومحمد البراهمي (نائب المجلس الوطني التأسيسي وأمين عام حزب التيار الشعبي الذي تمّ اغتياله يوم 25 جويلية من السنة نفسها التي تمّ فيها اغتيال بلعيد) عن تعليق حضورها في جميع جلسات المحاكمات المتعلقة بالاغتيالين.
وأوضحت هيئة الدفاع، في بيان إثر اجتماع طارئ عقدته لاستعراض سير الجلسات الأخيرة وما رافقها من إجراءات مستجدة، أن هذا القرار كان نتيجة عدة عوامل متضافرة "حولت ملفي الاغتيال إلى مجرد ملفي حق عام، وجعلت من محاكمة المتورطين عملية محاسبة قضائية تقنية مفرغة من أبعادها الوطنية والتاريخية والسياسية"، وفق تقديرها.
وأوضحت أن هذه العوامل تمثلت في معاينة ما وصفته ب "التسرع غير المبرر في تسيير المحاكمات، والضغط على أطرافها"، والذي قالت إنه "لا علاقة له بمطلب سرعة الفصل الذي ينادي به الجميع، بما قد يمس من جوهر التتبع القضائي"، وفق تعبيرها.
وفي هذا الشأن، ذكرت عضو هيئة الدفاع إيمان قزارة، في تصريحها ل(وات)، أنّ قرار الانسحاب مردّه أنّ مسار القضايا الخاصة بالشهيدين بات "مضطربا ومتعثّرا وفيه تسرّع غي مبرّر"، منتقدة في الآن نفسه عدم استقرار تركيبة الهيئات القضائية المتعهدة بملفي الاغتيال.
وقالت إنّه تمّ تعيين 3 قضاة، رؤساء دوائر، في ظرف شهر ونصف (17 جانفي -20 جانفي -4 فيفري) وهو ما من شأنه التأثير على حسن التعهد بها، خصوصا أمام تشعبها وارتباط بعضها ببعض و"يجعل مسألة الحسم في الملف تبدو مستحيلة".
بلعيد .. المعارض اليساري الوطني
وُلد شكري بلعيد في 26 نوفمبر 1964 في منطقة جبل الجلود بتونس العاصمة، وهو من عائلة تنحدر من ولاية جندوبة )شمال غرب(.
درس الحقوق في العراق وأكمل تعليمه في جامعة باريس ودخل الحياة السياسية مبكّرا، إذ برز بنشاطه في الجامعة وعارض نظامي الرّئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي مما تسبب في سجنه.
كما عمل في المحاماة ونشط في الدفاع عن حقوق الإنسان ورافع في العديد من القضايا السياسية في فترة حكم بن علي، أبرزها قضية أحداث الحوض المنجمي في قفصة سنة .2008
وبعد الأحداث التي أطاحت بنظام بن علي، أصبح شكري بلعيد عضوا في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، لكنه لم يفز في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، وتقلد إثرها منصب الأمين العامّة لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد بتاريخ 2 سبتمبر 2012 كما كان له دور بارز في تأسيس الجبهة الشعبية في نفس العام، وهي ائتلاف سياسي يضمّ 11 حزبا وتجمّعا يساريا وقوميّا.
وكان بلعيد، في فترة ما بعد سقوط نظام بن علي من أشد المعارضين لحكومة "الترويكا(2012 -2014) " المتكونة من أحزاب "النهضة" والتكتّل" و"المؤتمر" .
وشكّل اغتيال بلعيد منعرجا تاريخيا حاسما في الوضع السياسي القائم آنذاك، وألقت الحادثة بظلالها على المشهد السياسي وعلى "النظام الحاكم" الذي تديره حركة النهضة في تلك الفترة، إذ أدّت المظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها عدّة مدن تونسيّة إلى إعلان رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي (2013) عن تشكيل "حكومة كفاءات وطنية"، قبل إعلان استقالته يوم 19 فيفري 2013.
الاغتيال .. الفوضى ..
استفاق التونسيون يوم 6 فيفري 2013 على وضع غير معتاد .. ما إن أعلنت نشرات الأخبار عن اغتيال المعارض "الشرس" شكري بلعيد حتى دخلت البلاد في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار بعد أن خرج متظاهرون بأعداد غفيرة إلى شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة مرددين النشيد الوطني وشعارات " ارحل" .. العصيان، العصيان حتى يسقط النظام .. والشعب يريد إسقاط النظام"، لتنتهي بمواجهات مع قوات الأمن في أحياء بالعاصمة.
ووجّهت عائلة شكري بلعيد أصابع الاتهام مباشرة إلى حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، وقالت إن "النهضة" تستّرت على العنف ضد معارضيها وهو ما رفضته الحركة، التي قالت على لسان رئيسها إن "أطرافا تريد جرّ تونس نحو حمّام دم"، فيما ذهب الرئيس المؤقّت آنذاك المنصف المرزوقي إلى القول أمام البرلمان الأوروبي إن "الاغتيال يهدف إلى إجهاض الثورة التونسية".
إثر الاغتيال، قام محتجون بإحراق مقرات حركة النهضة (الحزب الحاكم آنذاك) في عدد من جهات البلاد، وتعطّلت الدروس بمختلف المعاهد والمدارس ووقع تنفيذ إضراب عام دعت إليه أكبر المنظمات العمالية في البلاد (اتحاد الشغل)، كما صدرت إدانات دولية للعملية.
وانتظمت يوم 8 فيفري 2013جنازة وطنية للراحل بلعيد شاركت فيها حشود غفيرة، إذ نقلت عربة عسكرية جثمان الشهيد من بيت والده بجبل الجلود إلى دار الثقافة بالمنطقة ومن ثمّة نحو مقبرة الجلاز بتونس العاصمة، قبل مواراته الثرى بروضة الزعماء.
ووقعت يومها مواجهات في محيط المقبرة تطلّبت من قوات الأمن إطلاق الغاز المسيل للدموع على شبان أرادوا سرقة سيارات المشيّعين وقاموا بحرق بعضها.
وكان اغتيال بلعيد ومن بعده اغتيال النائب المعارض بالمجلس الوطني التأسيسي عن حزب التيار الشعبي محمد البراهمي في جويلية 2013 وراء سقوط حكومتي الترويكا 1 و2 بقيادة حركة النهضة، وجرى إطلاق حوار وطني وقع فيه الاتفاق على تشكيل حكومة "تكنوقراط" أمنت وصول البلاد إلى انتخابات 2014 .
ومنذ ذلك التاريخ ظلت القضية تشهد تعطلا في مسارها على حدّ قول هيئة الدفاع، التي اتهمت السلطة حينها وتحديدا حركة النهضة بالتدخل في المسار القضائي "حتى لا تنكشف حقيقة من خطط ودبر وصولا إلى من نفذ الجريمة"، إلى حين سنة 2022 التي قال خلالها عبد المجيد بلعيد أخ الشهيد شكري بلعيد إنّ "الإرادة السياسية لكشف الحقيقة توفرت بعد أن فرض رئيس الجمهورية أن تكون المحاكمات عادلة وفي حيّز زمني معقول".
وكان رئيس الجمهورية قال عند إعلان حل المجلس الأعلى للقضاء إن " القضية بقيت لسنوات عديدة في رفوف المحاكم، ووقع التلاعب بها من قبل عدد من القضاة الذين لا مكان لهم في قصور العدالة إلا كمتهمين".
كما التقى يوم 7 فيفري 2022 والد الشهيد شكري بلعيد وشقيقه عبد المجيد، الذي صرّح بأن المحادثة "تطرقت إلى موضوع كشف حقيقة الاغتيال، ومحاسبة المتورطين في إطار تطبيق القانون على الجميع دون استثناء واحترام استقلالية القضاء".
وقرّرت وزيرة العدل يوم 6 فيفري 2023 تكوين لجنة خاصة تعمل، تحت إشرافها المباشر، على متابعة ملفي اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي ومحاسبة كل من تورط في تعطيل سير الملفات وسعى إلى طمس الأدلة والتأثير على المسار القضائي.
وأذنت بمهمة تفقد قضائي وإداري شاملة للملفات ذات العلاقة، لمتابعة حسن سير الإجراءات بما في ذلك إحصاء المحجوز والمؤيدات بكافة مكوناتها وتتبع مسارها الإجرائي بالإضافة إلى رقمنة كامل الملفات وحفظها في محامل الكترونية.
ومنذ تاريخ 6 فيفري 2024 تتالت جلسات الدائرة الجنائيّة المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بابتدائية تونس لمحاكمة المتورطين في جريمة اغتيال بلعيد ليصدر فيها الحكم يوم 27 مارس الماضي وتحال إلى الاستئناف لاحقا.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار
.
0 تعليق